هو الحسن بن هاني بن عبد الأول بن صباح الحكمي ، أشهر شعراء عصر الدولة العباسية و شاعر العراق في عصره ، ولد في الأهواز جنوب غربي إيران لأمٍ فارسية الأصل و المرجح أن والده كان من جند مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية ، وكان أبو نواس يقول الشعر الماجن و يخفي نسبه واسم أمه لئلا يُهجى وذلك مشهورٌ عنه .
بعد هزيمة مروان في معركة الزاب الأعلى، انتقلت أسرة الشاعر إلى البصرة، والطفل أبو نواس في السادسة من عمره، وما لبث أن مات أبوهُ، فأسلمته أمه إلى الكتاب، ثم إلى عطار يعمل عنده أجيراً، يبري عيدان الطيب.
وحين آلت الخلافة إلى بني العباس، انتقل من البصرة إلى الكوفة، و التقى والبة بن الحباب الأسدي الكوفي أحد الشعراء اللامعين في ميدان الخلاعة والتهتك، فعني به واهتم به أي عناية، إذ عمل على تأديبهِ وتخريجهِ. وصحب جماعةً من الشعراء الماجنين كمطيع بن إياس وحماد عجرد. ثم انتقل إلى بادية بني أسد فأقام فيهم سنةً كاملةً آخذاً اللغة من منابعها الأصيلة. ثم عاد إلى البصرة وتلقّى العلم على يد علمائها أدباً والشعراء.
قال ابن منظور:
"كان أبو نواس حَسَنُ الوجه رقيق اللون أبيض حلو الشمائل ناعم الجسم ألثغ بالراء حيث يجعلها غيناً وفي حلقه بُحَّة لا تفارقه وكان ظريفاً ولطيفاً لا ينـزع العمامة عن رأسه".
ولم يقتصر طلبه العلم على الشعراء والأدب بل كان يدرس الفقه والحديث والتفسير حتى قال عنه الإمام الشافعي: "لولا ما ظهر على أبو نواس من المجون لأخذتُ عنه العلم ".
وقد قصد أبو نواسٍ بغداد واتّصل بالبرامكة ومدحهم، واتصل بـالرشيد والأمين. و عرف عنه المجون وأتهمه البعض بالشذوذ وكان لايفارق الخمر لكن عرف عنه سرعة البديهه والأجوبه الطريفه وهذا ما أسكت الخلفاء عنه وعن مجونه .
ومن أشهر أبياته :
" دع المساجد للعباد تسكنها
وطف بنا حول خَمَّارٍ لِيُسقينا
ما قال ربك ويل للذين سكروا
و لكنه قال ويل للمصلينا "
فأراد الخليفة هارون الرشيد ضرب عنقه بسبب شعره الماجن ! فقال: "يا أمير المؤمنين : الشعراء يقولون ما لا يفعلون . " فعفا الخليفة هارون الرشيد عنه..ولكنه ـ أي هارون الرشيد ـ كان كثيراً ما يحبسه عقاباً له على ما يورد في شعره من المباذل والمجون ، وقد أطال الرشيد حبسه حتى عفا عنه بشفاعةٍ من البرامكة الذين كان أبو نواسٍ قد اتصل بهم ومدحهم. ولعل صلته الوثيقة بهم هي التي دفعته إلى الفرار حين نكبهم الرشيد فيما عرف فيما بعد بنكبة البرامكة.
ذهب أبو نواسٍ إلى دمشق ثم إلى مصر متجهاً إلى الفسطاط، عاصمتها يومذاك، واتصل بوالي الخراج فيها الخصيب بن عبد الحميد فأحسن وفادته وغمره بالعطاء فمدحه بقصائد مشهورة.و عندما توفي هارون الرشيد وخلفه ابنه الأمين، عاد أبو نواسٍ إلى بغداد متصلاً به، فاتخذه الأمين نديماً له يمدحه ويُسمعه من طرائف شعره.
وفي نطاق الصراع بين ابني الرشيد، الأمين والمأمون، كان خصوم الأمين يعيبون عليه اتخاذ شاعرٍ خليعٍ نديماً له، ويخطبون بذلك على المنابر، فيضطر الأمين إلى حبس شاعره. وكثيراً ما كان يشفع الفضل بن الربيع له لدى الخليفة فيخرجه من سجنهِ. وعندما قتل الأمين رثاه أبو نواسٍ بقصائد تنم عن صدق عاطفته نحوه.
لم يلبث أبو نواسٍ أن توفي في عام 198هـ / 813م ، قبل أن يدخل المأمون بغداد، و لم يُرد الإمام الشافعي أن يُصلي عليه، ولكن عند تغسيله وجدوا في جيبه هذه الأبيات :
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ
فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً
فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا
وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ
فلما قرأها الإمام الشافعي بكى بكاء شديداً و قام بالصلاة عليه وقال احد اصدقاءه انه اتاه ابو نواس بالمنام وقال له ربي غفر لي بسبب تلك القصيدة.
0 تعليقات